القرية الملعونة.

أنا فتى ذو حظٍ سيء وترافقني لعنة تبعدني عن من أحب وما أحب ،

تلك اللعنة تُكسر كل ما ينصب على عينيّ ،

تجعلني أبدو غريبًا حتى وإن كنتُ عزيزًا ،

أسكنُ في قرية أغلب سُكانها مسنين واللون الرمادي بالنسبة لهم نمط حياة ،

أنا فتى ذو تسعة وتسعون مشكلة ومنبوذ هكذا أنا بنظرهم ،

تلك العجوزة التي تسكُن بجواري ترمقني بنظرة دنيئة كلما خرجت ورأتني خارجًا ،

هرب إبنها وتركها وحيدة ، تظن بأني مثل إبنها سيء الخُلق ،

أنا لا أشبهُ أحدًا ليس غرورًا مني إنما أرى نفسي بطريقة مختلفة عنهم ،

كلما ذهبتُ للحانة أجد العجوز الذي يسكنُ في الناحية الأخرى غريقًا في السُكر ،

وعندما سألتُه عن حاله ولماذا كل هذا السُكر ، 

قال : بأنه كان يكره هذا الشراب وأن زوجته الراحلة كانت تحب هذا الشراب ،

أدمن على الشراب بعد موت زوجته وإستسلم للحياة ،

يقول بأنه يراها في كل رشفة ، يرى تمايل جسدها وإبتسامتها كلما رفع الكأسة ،

جلستُ بجواره يحاكيني عن مدى حبه لها ومدى جمالها ،

كان سكيرًا بشكلٍ فظيع ومع ذلك كان يبتسمُ كثيرًا ، 

وبعد ذلك ذهبتُ الى زاويتي المفضلة وطلبتُ طلبي المعتاد ،

أخرجتُ مذكراتي وبدأت أكتب عن ما يدور في خاطري وعن هذه القرية ،

سألني الساقي هل أنت كاتب أم صحفي أتيت لتكتب عن هذه القرية ؟

جوابي كان : أنا مثلك حظي العاثر ألقى بي هنا وحكم عليّ أن أعاني 

حتى يتساقط شعري أو أصبح مثل ذلك العجوز ليس لديه سببًا يعيشُ من أجله ،

أحاول أن أجمع أفكاري في كتاب قد ينفعني لاحقًا ،

قد يأتي زوار أو سياح ويعجبون بكتابي ،

قال الساقي : ياصديقي لا أريدُ أن أغيظك لكنك  تعلم جيدً بأن لا أحد يأتي هنا 

بالصدفة ولا يوجد مكان للسياح هنا ، كل من يأتي هنا لديه شيء يهربُ منه ،

ذهب الساقي وبدأتُ أفكر في كلامه جيدًا ، أفكر فيما أنا هارب منه ،

وسرعان ما أدركتُ الحقيقة ،

أنا أهربُ من نفسي وأخافُ من مستقبلي ، أخاف أن أستمر في هذا الطريق ،

أخاف من الروتين السيء ، أخاف أن تمضي السنين ولا زلتُ وحيدًا ،

أخاف أن أموت ولم أحقق حلمي ، أخاف أن أعيش حياة ليست جديرة بالذكر ،

أخاف أن لا يكون لي إرث أو وريث ، أخاف أن أبقى عالقًا في الماضي ،

سيّطرت عليّ مخاوفي حتى شاب شعري وتساقط وأنا لازلتُ صغيرًا في السن ،

إجتمع حظي السيء مع هذه القرية الملعونه ،

و وجب عليّ أن أعيش سبعون وجعًا حتى سبعون خريفًا.