بُكاء الملائكة.
هذا الكم الهائل من الأسى والخوف والثقل والعناء ولم تبكِ ،
الكثيرُ من التعب والإرهاق في عينيّك ولم تبكِ ،
هذا الكم من الوحدة والخذلان ولم تبكِ ،
تجاوزت مرارة الأيام والظروف وتحمّلت العبء وحيدًا ،
فقدت نفسك كثيرًا ولم تجد يدًا تنتشلك ،
هزمت وسقطت وغلبك الشك ولم تبكِ ،
ارتديت الليلٌ في النهار وكانت صباحاتك ليلًا ،
برغم الشمس وشروقها كنت قابعًا في الليل ،
كل هذه الظروف ولم تبكِ،
كنت قادرًا على التجاوز والتأقلم مع ظروفك،
كم من ليلةٍ ادعيّت القوة وكنتَ جبانًا تختبئ خلف القناع ،
كم من نهارٍ مرّ عليك وأنت باقي في الليل ،
كم مرةٍ جثوت لتنهار ولكن بطريقةٍ ما لم تبكِ ،
كم جزءًا فقدت من نفسك لتكون بهذه الصلابة ،
كم من ليلةٍ غلبك الأرق والتفكير وكنت على حافة الإنهيار ،
كم مرةٍ لفّك الحزن من رأسك حتى قدميّك كلحافٍ يحميك من البرودة ،
وكم مرةٍ أردت ان تحرق كل شي وتهرب إلى المجهول ،
كم من قناعٍ ارتديت لتواصل المضيء ،
ذلك الكم الهائل من الأيادي التي من المفترض أن تنتشلك من قاع الحُزن والوحدة لم يبقى منها سوى الظلام وظل يديّك ،
تُركت وحيدًا كجثةٍ في القبر ولا تملك من يرفعُ لك يدين الدُعاء ،
كنتَ تسير في تلك الظلمة لأيامٍ كالسنين ،
كنت هناك في جحيم الأرض ولم تكن هنا ،
كل هذا ولم تبكِ.
كل هذه المدة والقوة كانت الملائكة تبكي عوضًا عنك وتمدك بالقوة ،
الآن تستطيع البُكاء ،
أبكِ ولتشهد السماوات والأرض على بُكاءك ،
أبكِ ودع الملائكة تبكي وتنتحب لبكاءك ،
ابكِ حتى تمطر السماء مطرًا بهيئة دموع ،
بطريقتك كنت قادرًا ولم تبكِ كل هذه المدة ،
أبكِ الآن ودع الأرض تحتضن دموعك لربما تسقي
الأرض وتنبت زهورًا ،
اصرخ بأعلى ما تملك في الهواء الطلق ،
اصرخ وليسمعَ صوتك في أقاصي الأرض ،
فأنت حي بقيّد العناء ، اصرخ حتى يسمعُ الصم ،
اخرج ما بك من هذا العالم ولتعانقك الملائكة.
تعليقات
إرسال تعليق